الباب - ماجدا سابو

الباب - ماجدا سابو
ترجمة: أسماء المطيري
دار النشر: أثر للنشر والتوزيع
التقييم: 4.5/5


رواية الباب هي رواية شاعرية وحياتية بامتياز. تأخذنا ماجدا سابو بكلماتٍ بسيطة وأسلوبٍ سلس إلى حكاية خالية تمامًا من التعقيد. حكاية تظهر للقاريء بسيطة جدًا، ولكنها تحمل تعقيدًا خفيًا. تحكي ماجدا سابو عن خادمتها العجوز إيمرنس بأسلوبٍ يظهر غريبًا في البداية ثم تجد أنك تدخل في تفاصيل  الرواية شيئًا فشيئًا. اختارت أن تبدأ ماجدا سابو الرواية وأن تنهيها بنفس الفقرة. حلم مروع يهاجهما أثناء نومها بعد موت العجوز إيمرنس. لا تعتقد أني قد حرقت عليك القصة أو ما شابه لأنك ستعلم أن العجوز ستتوفى في نهاية المطاف بعد قراءة المقدمة فقط. هنا أستطيع أن أضع نقطة تفوق في سجل الكاتبة، حيث أنها حلّت لك العقدة قبل أن تبدأ في الانعقاد من الأساس.

توضح ماجدا سابو في كتابها صفات إيمرنس وكيف عاشت حياتها. وكيف أنها حملت بداخلها مئات الأسرار التي لم تفصح عنها لأحد. ماتت العجوز وقد مات معها الكثير من أسرار البشر وأسرارها هي ولم تخبر أحدًا على الإطلاق. كان بيتها هو كهفها الغامض الذي لم يدخله أحد سواها وكأنها تخفي بداخه كنز علي بابا. ستفاجئك ماجدا سابو بصفات العجوز الجلفة وغضبها الدائم وتهكمها. كأنها تريد أن تخبرك أنها كانت تعمل خادمة ولكنها لم تحمل بداخلها أي صفة من صفات الخدم، مثل الخنوع والطاعة المطلقة وارتقاب الحسنات وما إلى ذلك. بل كانت على العكس تمامًا. كانت هي من تتحكم بالمنزل الذي كانت مسؤولة عنه، وكانت تنهر وتشتم الراوية في غير مرة وكأنها ليست خادمة على الإطلاق بل مربية لها مطلق الحق في نهر وتوبيخ الراوية وزوجها وأي شخص يقف في وجهها.

حملت الرواية الكثير من مشاعر الحب الصامتة. شعرت وأنا أقرأ الرواية بحنان بالغ من إيمرنس تجاه الراوية والعكس ولكن! كان النقيض تمامًا ما أوضحته الكلمات على الورق. فكان النصيب الأكبر للشتم والغضب والتوبيخ. كانت علامات الحب تصرخ مستنجدةً من بين السطور وكنت أسمعها بوضوح ولكني لا أستطيع الإمساك بها. أحببت العجوز وكرهتها في الآن نفسه. عدائيتها المفرطة غير المبررة جعلتني أتعاطف كثيرًا مع الراوية. ثم تنقلب الموازين فأنحاز إلى جانب إيمرنس ويقل تعاطفي مع الراوية. كانت الرواية طريق متعرجة تخبطت فيها كثيرًا وكنت أعلم أنه لن تشرق الشمس في النهاية، كان الغروب ينتظر. يجلس على مقعد كبير في حديقة واسعة ويمسك بيده كلب - فايولا - وجلست بجانبه متمعنًا في كل معاني الحب غير المعلنة في الرواية ولكنها كانت هناك واضحة وضوح الشمس. تشبثت بتلك المشاعر حتى انتهت الرواية.

تجربة شاعرية ودراما جميلة في بلدةٍ صغيرة في المجر في زمن ما بعد الحرب. إن كنت تنوي أن تقرأ الرواية فعليك وضع جانبًا كل مشاعرك المبدئية ولا تستعجل في الحكم على أي من الشخصيات لأن التطور في الشخصيات والتغير الجذري قادم لا محالة وستشعر في لحظةٍ ما أن كل معاييرك قد سقطت على طريقٍ غطتها الثلوج المتساقطة ولن تجد إيمرنس حينها لتزيل لك الثلوج وتزيح عنك الاضطراب. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المخ الأبله

ظل الريح - كارلوس زافون

الأشجار واغتيال مرزوق - عبدالرحمن منيف